الخميس، 15 أكتوبر 2009

الخدمة هي حل العقلانية

كان رامي شاباً ذكياً ..متميز ومتفوق ...لكنه لم يكن مرتبطاً بالكنيسة كما يجب ...استهوته الفلسفة و بعض القراءات العقلانية الأجنبية ...و قرأ ...و قرأ ... وتعمق و اذ لم يكن عنده أساس روحي كافي بدأ يتشكك في كل شئ

وكان رامي حين يناقش زملاءه في كلية الآداب .. وحتي المتدينين منهم لا يجد جواباً شافياً لأسئلته ..فبدأ يتهكم عل كل ما هو ديني ...و لم يقدر أحد أن يجادله بسبب فصاحته و بلاغته ومعلوماته الغزيرة التي يفتخر بها و أسماء الفلاسفة التي يحفظها و كلامهم الذي يدعو أحياناً للتشكك

و ابتعد رامي ...و بالأكثر عن الكنيسة و لم يعد يقتنع بأي اجتماع روحي أو أب روحي ..و حاول والداه أن يرداه ... ولكنه نظر اليهما أنهما لم يقرءا و لم يعرفا ما يعرفه و انهما من صفوف الجهال الذين لا يفهمون

و دخل رامي مع مجموعة من أشباه الملحدين ...الذين يتنكرون لكل ما هو ديني .... و يعتبرون الدين أفيون الشعوب ....بعضهم ينكر وجود الله ... و بعضهم يعتبر أن الانسان هو الله ... بعضهم لا يؤمن الا بالعلم وحده و آخرون من مذهب agonostics الذي يقول ليس هناك احد يعرف الحقيقة

و تعثر رامي في تساؤلات بلا نهاية
+ هل التطور هو البداية ... و هل هناك خلق ؟؟
+ ان كان الله موجوداً ...فلماذا الظلم و لماذا الشر و لماذا الألم ؟
+ هل المسيحية فقط هي الحق ..و لماذا لا يكون الآخرون أيضاً علي حق ؟؟
+ هل هناك حقاً حياة بعد الموت ؟؟ وما هو الدليل ؟؟

ألغاز و أفكار سحبته في طريق مظلم ...و بدأ يشرب الخمور ..و يسهر سهرات شريرة ... و يضحك علي كل من هم حوله .. ويضحك أيضاً علي حاله

وكان له صديق وفي اسمه كريم ... وكان يحب رامي حقاً وحين تركه الكثيرون لم يستطع كريم أن يبتعد عنه
حاول كثيراً أن يناقشه ...لكن رامي كان يسخر من جهله و سذاجته ..و لم يكف كريم عن الصلاة لصديقه

و في يوم دعاه كريم للنزول معه للخدمة ...
الخدمة في قرية صغيرة فقيرة لتوزيع هدايا العيد للأطفال ...تمنع رامي أولاً ..و لكن كريم دعاه بحجة أنه سيري خبرات جديدة و عالم جديد قد يفيد فكره و يرد علي تساؤلاته
و اذ لم يجد رامي بدا من الحاح كريم ...سافر مع مجموعة الشباب .. وكان يحاول أن لا يسخر منهم كما اعتاد احتراما لصديقه ....لكنه كان ساخطاً علي تدينهم و بساطتهم

و و صل رامي للقرية .... ووجد آلاف من الأطفال في انتظارهم ...و نسى رامي أفكاره ..بل نسي نفسه .. و انهمك في توزيع هدايا العيد و تنظيم الأطفال ... وكم كانت سعادتهم بالهدايا البسيطة ومحبتهم للخدام الآتيين اليهم

و ابتسم رامي ..حين كانوا ينادونه " يا أستاذ ....يا أستاذ " و هو يقول لنفسه .. "لو عرفوا أني لا أدخل كنائس ها تبقي فضيحة "و كان يوماً شاقاً ولكن ممتعاً

و استضافهم عمدة القرية المسيحي للغذاء بترحيب شديد

وعاد رامي مع كريم ...و لم يهدأ فكره طوال رحلة العودة
+ أنا عقلاني و ذكي ..و عرفت ...لكني غير سعيد ..هؤلاء البسطاء ..و الأطفال الفقراء أكثر سعادة و أكثر حياة
+ أنا وراء تساؤلاتي لم أصل إلا إلي حياة من الكآبة و الشقاء و التدهور الأخلاقي ... و هؤلاء الخدام بتعبهم الإيجابي و عملهم صاروا سبب سعادة للكثيرين

+ فقر البعض هو فرصة للبعض الآخر أن يخدم ..فتتعمق المحبة و تظهر الانساية في أحلي صورها
+ هذا الكون الهائل لابد له من خالق ...لكنه ترك الانسان العاقل أن يشاركه ترتيب تفاصيله و توازنه
+ لكني لم أجد راحة نفسية في هذا الذخر من الأفكار ... بل مزيد من الكبرياء و الإنطواء و الضياع
+ لماذا لا أعترف اني لا أستطيع أن أفهم كل شئ ... لعلني أحتاج أن أقرأ الانجيل كتلميذ وليس كناقد
+ ان كانت هناك حياة حقيقية ...في في الحب و العطاء و اسعاد الآخرين ... وهذه الحياة الشاقة التي نحياها .. من المنطقي أنها تنتهي لتبدأ حياة أكثر سعادة ليس فيها تعب ولا خطية و لاموت

+ رحلة العودة ..كانت بمثابة استنارة داخل عقل رامي .. و ظل الثلاث ساعات صامتاً يفكر ..و أخيراً تحركت دموعه قبل الوصول للكنيسة .. و صلي لأول مرة من سنين " يارب سامحني علي عنادي و كبريائي ..اقبلني و علمني .. وهبني أن أبدأ " فهي كانت رحلة عودة ..لحضن الآب

+ و أنت يا أخي الحبيب ..اذا كنت من هؤلاء العقلانين و لم تجد الفرح و الراحة ...فجرّب الخدمة ...أكيد ستجد الفرح
www.tips-fb.com

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق