الخميس، 15 أكتوبر 2009

جروح روحية

دخل مرقص الى بيته و على وجهه بعض علامات الضيق .. ألقى السلام على أخته مريم التى كانت مشغولة فى بعض أعمال المطبخ فردت عليه السلام ، و لمحت علامات غير طبيعية على وجهه ، فأنتهت يسرعة مما فى يديها و ذهبت لأخيها التوأم فى حجرته ، فوجدته جالساً ساهماً ، و يبدو انه متألم فى شئ .. فدار بينهما هذا الحوار :
- ماذا بك يا أخى؟
-متضايق قليلاً
-يبدو عليك أنك متضايق كثيراً..
- نعم..
-هل لى أن أسأل ، بخصوص ماذا ...؟!!
-أنت أختى الغالية ، و قد تعودت أن أصارحك بما أفكر فيه..
-و أنا ايضاَ أسعد بالحوار معك .. ما الذى يضايقك هكذا ؟؟!
-بصراحة أنا عائد للتوى من الكنيسة و كنت أحضر اٍكليلاً لقريبة خادم زميلي.. و شاهدت العديد من الخدام و الخادمات هناك ... و لكننى تعبت من منظر ملابس بعض الخادمات..
سكتت مريم قليلاً ثم قالت :
هل هن بالفعل خادمات ؟!!
-يبدو لى ذلك .. حتى لو يكن خادمات،فما الداعى لتعرية الجسد بهذا الشكل؟!
هل هؤلاء لا يدرين أن هذا الوضع يجرح أعيننا ؟؟!!
أطرقت مريم بوجهها الى الارض ليرهة ، ثم رفعت وجهها و أجابت :
-طبعاً هذا مؤسف .. و لكن أعتقد أنهن لم يقصدن جرح عينيك ..
-رد مرقص بسرعة:
-فماذا يقصدن اٍذن؟!
-هو فقط لون من لفت النظر ، و هذا أمر غريزى عنج البنات..
ارتفعت حدة صوت مرقص و قال :
-يلفتن النظر الى ماذا ؟ الى اجسادهن..الى التراب الذى فيهم .. ؟! هل المرأة هى فقط جسد؟ و تريد أن تلفت الأنظار اٍلى هذا الجسد فقط لا غير ؟؟!
-بالطبع لا..فالمرأة اٍنسانة لا يقل عقلها عن عقل الرجل ، و لها كامل الاٍمكانيات و المواهب و القدرات الاٍنسانية..
رفع مرقص حاجبيه متعجباً :
-فلماذا اذن تركز فقط على لفت النظر الى جسمها ؟ و تسمح لنفسها يتعريته ؟ هل الجسد هو أعظم و أهم ما عندها ...؟! الانسان الذكى الى أفضل و أقيم ما فيه ، و ليس الى أقل ما فيه .. ليس هناك مانع أن تلفت النظر ، و لكن بطريقة محترمة ... تلفت النظر بالهدوء .. باللباقة..بالبشاشة..تلفت النظر الى عقلها الناضج و اتزان شخصيتها .. اٍلى رقتها و ابتسامتها الودودة..الى روحها الخدومة و مشاعرها الطيبة... و ليس اٍلى جسدها..؟؟؟؟!!!!
- أنا أوافقك يا مرقص ، أن الجسد ليس أعظم ما فينا.. بل تفوقه المشاعر و العقل و الروح .. و هذه قوة خالدة ، بعكس الجسد الذى يتأثر بعوامل الزمن ، فيضعف و ينكمش ، و يتهالك حتى يموت ، ثم يتحلل و يصير تراباً....
هدأت ملامح مرقص قليلاً .. ثم قال :
-نقطة أخرى ثارت فى ذهنى ، عندما رأيت مناظر هذه الليلة .. اسمحى لى يا مريم أن أطرحها اٍيضاً..
-تفضل..
-هل هؤلاء اللوتى يلبسن الملابس غير المحتشمة ، تظن اٍحداهن أنها ستنال احترامنا نحن الشبان..؟!!
سكتت مريم .. فاستطرد مرقص قليلاً :
-اٍنها فقط ستنال بعض النظرات التى قد تظنها اٍعجاباً ، و لكنها فى الحقيقة مجرد نظرات شهوانية غريزية دنيئة....قد تغلف ببعض كلمات الاٍطراء و المديح ، ولكن فى حقيقتها هى رغبة فى التسلية الشريرة .. !! هل تفهمين ماذا أقصد ؟؟
-ماذا تقصد ؟
-أقصد أن الفتاه غير المحتشمة يطمع فيها الشبان الذين لا تسكن فيهم مخافة الله..و يحاولون أن يجعلوها ألعوبة فى أيديهم ، يلهون بهم ، و يتسلون عليهم تسلية غير بريئة .. فكيف تقبل بنت المسيح أن تضع نفسها فى هذا الوضع ؟؟!!!
-ليس فقط بنت المسيح يا مرقص .. اٍن أى اٍنسانة محترمة ترفض أن يتسلى بها أحد... و لكن ربما هذه الرؤية غير واضحة بالنسبة للكثير من الشابات...
-لماذا هى غير واضحة؟...و الكنيسة تنادى ليل نهار بأن الحشمة كرامة للمرأة ، و العرى مهانة للمرأة.. لقد ستر الله ادم و حواء يعد السقوط ، عندما ألبسهما أقمصة من جلد ، و لم يتركهما عريانين.. لقد أراد لهما الكرامة لأن وضع العرى هو وضع مخجل و مهين ... كيف تغيب هذه الحقيقة عن بنات اليوم ...؟!
نعم العرى مخجل و مهين ... و لكنك تعرف أن هناك حصار ضاغط من وسائل الاٍعلام،بعرض نماذج فى منتهى الخلاعة على الملأ... و أعتقد أن البعض يتأثرن بذلك و يرغبن فى التقليد...!!
-تقليد ماذا ...؟! و لماذا يشاهدن أصلاً مثل تلك الخلاعة..هذه مهانة لهن فى كل الاحوال ، لأن العرى مهانة..أستأذنك فى سؤال أخير ، طالما ترددت أن أبوح به ، و لكن قد جاء موعده الان..
-تفضل...
-لماذا أراك دائماً داخل البيت و خارجه فى ملابس محتشمة و محترمة ؟ سواء قبل خطبتك أو أثنائها الان ..و هذا ما يزيدك قيمة فى عينى... ألست أنت أيضاً فتاه ، و لديك غريزة لفت النظر التى تقولين عليها...؟!

ابتسمت مريم و أجابت بتلقائية :
-هذا يعود فى المقام الأول اٍلى تربيتى..فقد اهتمت أمى بتوعيتى منذ الصغر ، بينى و بينها فى أسلوب هادئ و جميل ، يان جسدى هو جوهرة غالية، و يليق بها أن تحفظ فى ملابس أنيقة و محترمة ، و لا يصح أبداً أن أعرى هذا الجسد أمام أحد قريباً كان أو غريباً.. !!
ظهرت على مرقص لأول مرة علامات الرياح ، و قال :
و هذه هى الصورة الجميلة التى تجعلنى لا أزال مقتنعاً ، رغم كل ما يجرى الان ، أن المرأة كائن عظيم .. و يمكنها أن تكون هيكلاً للروح القدس مثل الرجل تماماً... و لكن هذا لا يمنعنى أن أوكد عليك أننى قد جُرحت هذه الليلة ، و أحتاج أن أصلى الان جيداً بالمزامير ، حتى أداوى جروحى قبل أن أنام
www.tips-fb.com

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق