الجمعة، 16 مارس 2012

السامرية



انتظرت حتي الظهيرة لتتأكد أن كل النسوة قد ملأن جرارهن وعدن إلي بيوتهن. عندئذ خرجت وهي تتمني ان تنجز المهمة في أسرع وقت. ارتدت ملابسها، ولم تنس وضع بعض الحلي وقامت بشد حزام حول خصرها ليُظهر تفاصيل جسدها قليلا، ثم وضعت بعض الألوان علي وجهها. عادات لم تعد تشعر فيها بأي سعادة. 

خرجت من الدار متثاقلة وهي مطمئنة أن معظم النسوة في بيوتهن الآن يعددن الطعام لأزواجهن وأطفالهن.

وصلت إلي البئر. أنزلت الجرة وهمت بتدليتها وقبل أن تصل بها إلي مستوي الماء، سمعت خلفها صوتا عميقا هادئا قائلا: 
- أعطيني لأشرب.
التفتت لتجد رجلا في الثلاثينيات من العمر، جميل المظهر تشي نظراته بحنان ممزوج بالثقة الشديدة بالنفس. كما تدل ثيابه ولهجته علي أنه يهودي.

- كيف تطلب مني لتشرب وأنت رجل يهودي وأنا امرأة سامرية؟!

- لو كنت تعلمين عطية الله، ومن هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب، لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حيا.

منذ أول وهلة كانت قد لاحظت أنه ليس كباقي الرجال. يكفي أنه ينظر إلي عينيها مستقيما ولا تجول عيناه بجسدها كما يفعل أغلب الرجال.
حتي أن نظراته تحمل شيئا ما ينفذ إلي القلب.

إنه بالطبع لا يتكلم عن الماء الذي في البئر و لا في أي بئر. شيء ما في أعماقها أدرك أن هذا الرجل قد وصل بالفعل إلي عطشها الحقيقي الذي حاولت دوما أن ترويه.

واستمر الحوار بينهما و عرفت أنه المسيا ، لم تدر المرأة إلا وقد تركت جرتها معه عند البئر وهرعت إلي المدينة التي كانت تهرب منها وهي تردد عبارة واحدة فقط:

" هلموا انظروا إنسانا قال لي كل ما فعلت. ألعل هذا هو المسيح؟
قال لي كل ما فعلت؟!
لقد صار عاري الذي كنت أخفيه، برهان صدق بشارتي وحجتي أنني ،أنا، قد وجدت المسيا الذي يفتش عنه الجميع !
أنا السامرية المزواجة الزانية التي تعيش حراما في حرام، ظهر لي من تنتظره كل الأجيال.
يا لها من كرامة !
يا له من رد لاعتباري لم أكن أتخيله! 

 
www.tips-fb.com

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق