الاثنين، 9 أبريل 2012

المحاكمة الأخيرة ... من وحي الخيال



انتهت الحياة وتزاحم الملايين من البشر في الوادي الكبير أمام عرش
الله وكانت في المقدمة جماعات تتكلم بإنفعال شديد دون خوف أو خجل وبطريقة عدوانية وتقدمت الصفوف فتاة تصرخ: 
" كيف يستطيع الله أن يحاكمني؟ وماذا يعرف هو عن الآلام؟"

قالت هذا وهي تكشف عن رقم علي ذراعها مدموغ بالحرق في أحد معسكرات التعذيب ثم أردفت:
" لقد تحملت الضرب والتعذيب والرعب بل القتل أيضاً"
وعلا صوت هادر من مجموعة أخري قائلاً:" وما رأيكم في هذا" وعلي أثر ذلك أزاح صاحب الصوت وهو زنجي ياقة قميصه كاشفاً عن أثر بشع لحبل حول عنقه وصاح قائلاً: 
" شنُقت لا لسبب إلا لأني أسود .. لقد وضعنا كالحيوانات في سفن العبيد بعد أن اُنتزعنا من وسط أحبائنا"

وعلي امتداد البصر كانت تُري مئات من أمثال هذه المجموعات
كل مجموعة لها دعوي ضد الله بسبب الشر والعذاب اللذين سمح بهما
في عالمه

كانوا يقولون أن هذا الإله يعيش مرفهاً .. فهو يعيش في السماء
حيث كل شيء مغلف بالجمال والنور، لا بكاء ولا أنين، لا خوف ولا جوع ولا كراهية .... فماذا يعرف عن مقدار ما ذاقه الإنسان وتحمله مكرهاً في هذا العالم؟ .. حقاً أن الله يحيا حياة ناعمة هادئة لا تعرف التعب ولا الألم

وهكذا خرج من كل مجموعة قائد كل مؤهلاته انه أكثر من قاسي وتألم في الحياة فكان منهم زنجي وهندي ومنبوذ وواحد من هيروشيما وآخر من معسكرات النفي والسخرة في سيبيريا وهؤلاء جميعاً اجتمعوا معاً يتشاورون وبعد مدة كانوا علي استعداد لرفع دعواهم، وكان جوهرها بسيطاً جداً

" قبل أن يصبح الله أهلاً لمحاكمتنا عليه أن يذوق ما ذقناه"

وكان قرارهم الحكم علي الله بأن يعيش علي الأرض .. ولأنه إله وضعوا شروطاً تضمن أنه لن يستخدم قوته الإلهية ليساعد نفسه

وكانت شروطهم:
ينبغي أن يولد في شعب مُستعمر ذليل .. وليكن صاحب قضية عادلة حقيقية حتي تجلب عليه الكراهية والحقد والإدانة بل والطرد من كل السلطات الدينية الرئيسية التقليدية ، وليحاول أن يصف للناس ما لم يره إنسان أو يسمع به ولا لمسته يداه فأحسن شيء أن يحاول أن يُعرف الناس بالله

لنجعل أعز وأقرب أصدقائه يخونه

لنجعله يُدان مظلوماً ويُحاكم أما محكمة متحيزة غير عادلة
ويحكم عليه قاضي جبان ويتخلي عنه الجميع ويكون منبوذاً من كل أحبائه

ليتعذب ... ليمت ... نعم يموت ميتة بشعة محتقرة مع أحقر اللصوص

وكان كل قائد يتلو الجزء الذي إقترحه في هذه الشروط
وكانت همهمات الموافقة والإستحسان تعلو من جموع البشرالموجودة
ولكن ما أن انتهي آخرهم من نطق الشروط حتي ساد الوادي صمت رهيب وطويل ولم يتكلم إنسان .. ولم يتحرك

فقد اكتشفوا جميعاً فجأة أن السيد المسيح قد نفذ فيه هذا الحكم فعلاً .. أخذ جسداً بشرياً وعاش علي الأرض

"أخلي نفسه آخذاً صورة عبد ، صائراً في شبه الناس
وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتي الموت
موت الصليب" (رسالة فيلبي 2: 7. 8)
لقد شعر بكل ما نشعر به وهو يعرف ما عرفناه من معاناة
وقد جُرب بكل الطرق التي نُجرب بها.
" مستحق أنت أن تأخذ السفر وتفتح ختومه لأنك ذبحت واشتريتنا
لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة"
(رؤ 5: 9)



www.tips-fb.com

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق