الأحد، 8 يناير 2012

ياكوف و الأوزة

" هكذا ستظل أنت دائما يا ياكوف ...عموما أنت الخاسر فأنت تفقد محبة الله لك " هكذا صرخت زوجة ياكوف الذي كان في يوم من الأيام روسياً مؤمناً ..لكنه مالبث قليلا بعد الزواج أن طاله تيار الإلحاد و سرعان ما اقتنع به و أصبح من الملحدين و عبثا حاولت زوجته المؤمنة التقية أن ترده لكنه كان دوما يسخر منها .. و الليلة كانت ليلة عيد الميلاد حيث دار بينهما حديث انتهي بهذه العبارة الغاضبة التي قالتها زوجته قبل أن تذهب لحضور قداس العيد و اخذت ابنها الصغير و انصرفت ...
أما هو فانفجر ضاحكاً و لسان حاله يقول " يا لسذاجتك .. و يا لهؤلاء الأغبياء الذين يقتنعون بوجود ما يسمى إله أصلا .. وحتي و إن كان هناك إله فهل من الممكن أن ينزل من سمائه و يولد كإنسان . و لماذا ؟؟ إن كان هو الله و قادر حقا علي فعل كل شئ فلماذا لم يحلها من سماؤه .. و هل يستحق البشر هذا .. و ما الدافع ؟؟ .. عشرات الأسئلة جالت بذهن ياكوف نزعت عنه سخريته و تركته في حيرة
و بينما هو يفكر إذ بصوت يصطدم بزجاج نافذته .. ثم ينزل و يقع في فناء المنزل .. وتكرر هذا الصوت عدة مرات ...حتي أيقظ يا كوف من أفكاره و قام بصعوبة من جلسته بجانب المدفأة في البرد القارص ليري ماذا يحدث .. فلما فتح النافذة وجد في فناء منزله شيئا عجيبا ....
وجد مجموعة من الأوز البري المهاجر .. دفعته الرياح العنيفة و الثلوج فاصطدم بالنافذة ووقع في فناء المنزل و كاد يموت من شدة البرد .. فأغلق ياكوف النافذة بسرعة و هو يكاد يتجمد من البرودة القارصة .. و عاد لجانب المدفأة .. ثم جال بخاطره هذا الأوز الذي بالأسفل فلابد أنه سيموت من البرد الآن .. و عبثا حاول يقنع نفسه أن الموضوع لا يخصه فلم يقدر ... فقال " أضعهم في المخزن حتي أجد لهم حلا " .. فقام مرغما و فتح باب المخزن المطل علي فناء المنزل و صاح كأنما يدعو الأوز للدخول ... وهنا اكتشف المشكلة أن الأوز لن يفهم و واضح أنه خائف من دخول المنزل ... و لو ظل هكذا دقائق أخري سيتجمد و يموت من البرد .. فماذا يفعل ؟؟ حاول ياكوف أن يخرج إليهم و يدفعهم فلم يريدوا الدخول ... فأحضر حبوبا و صار يضعها علي الأرض في طريق المخزن فلم يأكلوها .. و عبثا حاول بكل الطرق أن يقنع الأوز بالدخول فلم يفلح .. و أخيرا برقت في ذهنه فكرة فأسرع سريعا لداخل المخزن حيث يحتفظ هو بأوزة يربيها فأخذها و حملها للخارج ووضعا مع باقي الأوز .. فشعرت هي بالبرودة الشديدة فأسرعت تجري لداخل المخزن حيث الدفء .. فلما رآها باقي الأوز أسرعوا يفعلون مثلها و دخلوا للداخل حيث نجوا من الموت فأسرع ياكوف و أغلق باب المخزن خلفهم .. ثم جلس علي الأرض و أخذ يبكي بكاءاً شديداً .. و كأنما أعاده هذا الموقف لسؤال كان لا يجد له اجابة من لحظات وها هو وجدها واضحة جدا أمامه .. فهو مثل هذا الأوز .. يكاد يموت في الخطية و هو لا يدري ... ولم ينفع معه التعليم و لا الناموس و لا الوصية ... و لم يقد هذا الأوز للداخل حيث النجاة سوي أوزة مثلهم ... ثم رفع ياكوف عينيه و نظر للسماء و قال " إن كنت و أنا يارب في خطيتي تحننت علي هذا الأوز ... فكم تكون محبتك علي ابنك ... كيف لا تنزل و تصير انسانا .. لابد أنك كنت ستنزل .. فأنت المحبة ذاتها "
ثم قام سريعا ليلحق بزوجته .. في أول عيد ميلاد ....حقيقي

---------------------------------------

ربي الحبيب ..
كثرة عنادي قد أنهكتني
و أرى أنني قد تعلمت الصخب من العالم
حتى صار في قلبي و عقلي
في كل شئ صرت ألجأ للتعقيدات و الجدال الطويل
أعرف أنك خلقت عقلي ليفكر
و أنك ميزتني به عن كل خليقتك
و لكن لماذا أجدها مطمئنة و هادئة عني
أو على الأقل هي لم تثر إلا بسببي
لماذا و أنا أنظر إليك في مذودك
لا أجد أي من دوابه من يتمرد عليك
أو سرير القش يرفضك حينما لجأت إليه
بينما أنا أفعل
بل و أفعل أكثر من ذلك بكثير
يا ربي إني أرى صورتك في المذود حاضرة أمامي
و أرى حياتك كلها
فأفهم عمق وصيتك لنا
بأن نصير مثل الأطفال
لا أطفال في الذهن
بل أطفال في الشر
نحيا حياتنا كلها إلى المشيب
و كأننا مولودين للتو من بطون أمهاتنا
مولودين للتو من جرن معموديتك ؛
من حضنك ..
نرى خليقتك كلها كما وددت لنا في الأصل أن نراها
نحنو عليها .. نحتضنها
كما وكلاء حقيقيين لك في وسطها
لا نخاصم أحدا
بل لا نخاصم أنفسنا على الأقل
نرى أن أعماق كل شئ في بساطته
و ليست في كثرة تفاصيله و بهرجته
تنبهنا إلى أن أنفسنا إذا أكثرت من التفلسف
فهي في أغلب الظن مازالت تائهة
مازالت تترنح بحثا عن الحقيقة
الحقيقة التي صارت أبسط ما في الكون
حتى لو أنكرنا نحن ذلك و أصرينا على تعقيدها
الحقيقة التي حلت بيننا
و لمستها أيدينا
و رأتها عيوننا
الحقيقة التي ولدت لنا
في مذود للبقر
....
كل سنة و حضراتكم طيبين :)


www.tips-fb.com

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق