قيل إن معلماً عظيماً نشأ منذ طفولته في حياة التقوى، كرس كل مواهبه وطاقاته ووقته للعبادة ودراسة الكتاب المقدس والتعليم، وقد تتلمذ على يديه ثمانون قائداً استناروا بتعليمه. رفع هذا المعلم عينية نحو السماء مشتهياً أن يرى ما أعده الله له، فسمع في حلم صوت يناديه: "تهلل يا بيترسون ، فإنك أنت و (جافير) تجلسان معاً في الفردوس وتنالان مكافأة متساوية".
أستيقظ بيترسون من نومه منزعجاً ، وكان يصرخ في داخله قائلاً : "ويحي ! لقد كرست حياتي للرب منذ طفولتي، وقدمت كل إمكانيتي لخدمته، فاستنار بي ثمانون قائداً روحياً، وأخيراً صار لي ذات المكافأة التي لهذا الجزار الذي كرس طاقاته لعمل زمني ولخدمة أسرته! ألعلي لم أبلغ وسط كل هذا الجهاد الشاق إلا ما بلغه هذا "العلماني" ؟!
جمع بيترسون تلاميذه الثمانين ، و قال لهم : "حي هو اسم الرب، أنني لن ادخل بعد بيت الدراسة معكم، ولا أناقش معكم أو مع غيركم أمرا في الدين حتى التقي الجزار جافير !
جال بيترسون مع تلاميذه في كل البلاد يسألون عن هذا الجزار ، وبعد مشقة عرفوا أنه يوجد جزار فقير جداً بهذا الأسم في قرية بعيدة. أسرع بيترسون إلى أقرب مدينة لها، حيث خرج الكثيرون يحيونه ، منتظرين أن يسمعوا منه كلمه منفعة ... أما هو فطلب أن تقوم إرسالية تستدعي الجزار. قال له الشعب الملتف حوله: "لماذا تطلب هذا الرجل، وهو إنسان جاهل ونكرة ؟!"
ذهبت الإرسالية إلى الجزار تخبره : "بيترسون أعظم خدام مدينتنا الذي أضاء عقولنا بتعاليمه يطلب أن تلتقي به ". في دهشة مع نوع من السخرية قال لهم: " لقد أخطأتم الشخص. من انا حتى يطلب هذا المعلم العظيم اللقاء بي ؟! " ورفض الرجل أن يذهب معهم.
عاد الرسل إلى بيترسون يقولون له : أيها المعلم العظيم انت هو النور الذي يضئ عقولنا، والتاج الذي يكلل رؤوسنا ... ألم نقل لك انه رجل ساذج ؟! لقد رفض أن يأتي معنا".
فقال بيترسون : "حي هو أسم الرب لن أفارق هذه المنطقة حتى ألتقي به، ساذهب بنفسي إليه " ، ثم قام بسرعة يتحرك نحو القرية الفقيرة. وإذ أقترب من بيت الجزار رآه الرجل فخاف جداً، واسرع إليه يقول: "لماذا تريد أن تراني يا أكليل مدينتنا ؟! ".
اخذه بيترسون إلى جواره وقال له : "جئت أسألك أمراً واحداً اخبرني أي صلاح فعلته في حياتك ؟ " أجابه الرجل : " انا إنسان فقير لا أفعل شيئاً غير عادي " . وإذ أصر بيترسون أن يعرف بعض التفاصيل عن حياته ، قال له : إني أمارس حياتي اليومية ككل البشر ، والدي ووالدتي عجوزان ومريضان ، أقوم بغسل أرجلهما وأيديهما ، وألبسهما ثيابهما ، و أجد لذتي في خدمتهما وتقديم كل ما يحتاجان إليه ". إذ سمع بيترسون ذلك أنحنى أمامه و قبّل جبهته ، وهو يقول له : "مبارك انت يا ابني ، ومباركة هي أعمالك وحياتك . كم انا سعيد ان أكون في رفقتك في الفردوس ! ".
قصة بسيطة تصور لنا موازين السماء التي تختلف تماماً عن الحسابات البشرية ... فالله يريد فينا الحب العملي الذي نقتنية باتحادنا معه .. حب حقيقي كالذي قدمه الكلمة المتجسد للبشرية.
ليس رتبة الإنسان أو مركزه الديني وراء إكليله الأبدي وانما أمانته وحبه !
رصيدنا في السماء هو حبنا العملي وطاعتنا خاصة للوالدين والمرشدين الروحيين ، واتساع قلبنا لكل إنسان بروح التمييز !
إرسال تعليق