في إحدي مدن الولايات المتحدة، كان يعيش هذا الرجل الذي يسمونه
"الزعيم الشيخ "، لما عُرف عنه في أثناء الحرب الأهلية من قدرة
خارقة في التأثير علي رجاله، و السيطرة عليهم...فكان الجميع
يطيعونه طاعة عمياء، و ينفذون التعليمات التي يصدرها إليهم
في سرور وعن طيب خاطر.
هكذا عاش رجلاً كريماً مهيباً، مسموعاً و مطاعاً...لما انتهت
الحرب، احتجب الرجل في بيته بعد أن أتم دوره القيادي بنجاح
باهر، وبعد أن ترك في نفوس الناس أثراً كبيراً لبطولته و
شجاعته، وحدث يوماً ما أن قامت في المدينة فتنة عنصرية
عنيفة، تبعتها أحداث شغب وتخريب، وفشلت السلطات تماماً
في السيطرة عليها..ومن وسط هذا الهياج الصاخب صرخ
أحدهم : "فلنستعن بالزعيم الشيخ، إنه وحده القادر علي ضبط
الجماهير الثائرة "
وبعد فترة قصيرة كان"الزعيم الشيخ" يقتحم الجماهير الثائرة
علي ظهر جواده، وقد ارتدي ملابسه العسكرية القديمة، وأخذ
يُلقي إليهم بتعاليمه وأوامره، فما لبثت الجماعات المتطاحنة أن
انصرفت في هدوء، وساد السكون المدينة...لقد كان الزعيم ذا
مقدرة خارقة علي السيطرة علي الجماعات وأظهر في ذلك
بطولة وبراعة فائقة.
ولكنه من المؤسف حقاً ي قصة الزعيم، أنه بعد أيام ليست
بكثيرة، وُجد ميتاً في إحدى البارات بعد أن أسرف في شُرب
الخمر التي قد أدمنها لسنين طويلة.
لقد نجح الرجل نجاحاً بطولياً في السيطرة علي الجماهير،
ولكنه فشل فشلاً مريراً في السيطرة علي نفسه..وبذلك
أظهر لنا أن بطولته لم تكن بطولة حقيقية لكنها كانت مظهراً
خارجياً ينتفع به المحيطون به...أما الرجل نفسه كان ممزقاً
ومهزوماً من الداخل وكان عبداً لشهواته..
فكم من أشخاص حسبناهم أبطالاً وعظماء، ثم اكتشفنا ضعفهم
وعجزهم....فلا تنخدع إذن في البطولة المزيفة الخارجية..
واعرف أن البطولة الحقيقية هي أنك تستطيع أن تتحكم في
نفسك وتستطيع أن تقول "لا" للخطأ و"نعم " للصواب بكل
قوة وثبات...
" مالك نفسه خير ممن يملك مدينة " ( أم 16: 32 )
إرسال تعليق