الخميس، 20 أكتوبر 2011

ورقات فلوسكاب ..قصة ممتعة 4


كاهن أنا ، وعندما سألوني عن أعجب قصة توبة رأيتها في حياتي ، حكيت لهم تلك القصة….
كنت جالسا في مكتبي صباح يوم ممطر من أيام يناير بعد انتهاء القداس الإلهي الذي حضره عدد محدود ، أخذت أقرأ كتاب ( طريق السماء ) للقس منسى يوحنا ، أخرجني من انهماكي في القراءة صوت طرقات على الباب ، التفت لأرى شابا في الـ30 من عمره ، يبدو عليه الارتباك والحيرة والخجل ، ملابسه تقطر ماءا ، منظر...ه يثير الشفقة ، كانت المرة الأولى التي أراه فيها لكن هذا لم يمنعني من أن أقول له…
( تفضل يا بني ) ، دخل وجلس في الكرسي المقابل ، لاحظت إنه يتشبث بمجموعة من الأوراق ، يحتضنها بشدة ، يحاول أن يجففها رغم الأمطار التي أذابت الحبر.
( ممكن ، إذا سمحت أتكلم مع قدسك قليلا ، فأنا أريد أن أتكلم مع قدسك ، ضروري جدا ،أرجوك ، يجب أن أتكلم ) لا شك إنك لاحظت أن عبارته متلعثمة للغاية ، فابتسمت في وجهه مشجعا قائلا ( على الرحب والسعة ) ،أمسك بالأوراق التي معه وابتدأ يقرأ ويقرأ ، لك أن تتخيل أن تلك الأوراق التي يمسك بها هي خطاياه ، 4 ورقات فلوسكاب كاملة ، بداخلها أبشع الخطايا بتفاصيلها ، جلس معي قرابة ساعة كاملة وأنا أنصت إليه بأذني ، بينما روحي تصلي فرحة بتوبة هذا الخروف الضال ، لما انتهى من كلامه ، كان مازال يرتجف من رهبة الموقف ، أخذت منه الأوراق وقمت بتمزيقها تماما قائلا له ( هذا ما فعله الله ،لقد مزق خطاياك تماما ولم يعد يتذكرها )، ابتدأ يهدأ ،سألته( لماذا لم أقابلك من قبل ؟ ) أجاب (أنا لم أدخل الكنيسة منذ 15 عاما ) ، كان السؤال الذي يحيرني وطرحته عليه مباشرة ( ما الذي جعلك ترجع إلي أحضان السيد المسيح ؟ ما الذي أتى بك إلى هنا الآن ؟ هل سمعت عظة اخترقت شغاف قلبك ؟ هل قرأت آية أذابت الجليد ؟ )، قال لي ( نعم إنها عظة ،لكني لم أسمعها بل رأيتها أمام عيني ، نعم إنها آية لكني لم أقرأها بل حدثت قدامي ) سألته في فضول ( هل ترغب في أن تحكي لي ما حدث ؟ ) ، ما أن سألت ذلك السؤال حتى اندفع يتكلم….
( لم تكن نشأتي سيئة ، بل كنت الولد الوحيد في أسرة متدينة ، لكن يبدو أن الاستجابة لكل رغباتي أفسدتني ، عرفت طريق الأصدقاء (أصدقاء الجحيم ) ، فهم السبب فيما وصلت إليه ، كنا نمتلك السلاح النافذ الذي يشق الطريق بسرعة الصاروخ للخطية ، المال ، كنا نمتلك الكثير منه ، ارتكبنا كل الخطايا التي ذكرتها لك من قبل ، كنت أشعر بأنني أمتلك الدنيا بقبضتي ، لم أشعر قط بذلك الكائن الغريب الذي تطلقون عليه اسم الضمير ، إنه كائن هلامي ، قل لي أين يوجد ؟ في المخ ؟ في القلب ؟ في الرئة ؟ إنه هراء ، هكذا كانت كلماتي دائما.
ثم جاء هذا اليوم ، كنت مع صديق عمري الذي اشترك معي في كل الخطايا ، لكني رغم ذلك كنت أحبه ، كنا عائدين من سهرة ارتكبنا فيها من المعاصي ما يثقل ضمير أمة كاملة دون أن يهتز لنا رمش ، أوصلني بسيارته إلي منزلي قبل أن يذهب هو لبيته ، ارتميت على السرير غائبا في نوم عميق ، أيقظوني بعدها بساعتين فقط…..
مات ، صديقك مات ، صديقك الذي كان منذ ساعة واحدة يمرح ويضحك و يقهقه ويسكر مات ، صديقك الذي كان يمتلأ بالحياة مات ، صدمة عنيفة ، انهيار كامل ، لم أبك قط ، فحالة ذهول كانت تسيطر علي ، عدم تصديق ، تسألني كيف مات ؟ يقود سيارته بسرعة 120 كيلومتر في الساعة ، تأتي عربة نقل ضخمة تستقر قدامه ، يحاول جاهدا الضغط على الفرامل ، لكن دون جدوى ، إنها القصة التقليدية ، لكني كنت أظن أنها تحدث للآخرين فقط ، لن تحدث لصديقي أبدا ، المذهل في الأمر إنني كنت أفكر في المبيت عنده في تلك الليلة ،لكني قمت بتغيير رأيي ، ماذا كان سيحدث حينئذ ؟ لست أحب أن أفكر في هذا الاحتمال ، كلا ، يجب أن أفكر في هذا الاحتمال ، يجب أن أفكر وأفكر وأفكر ، هذا ما قلته لنفسي وبعد تفكير طويل وجدت نفسي أمسك بورقة وأكتب وأكتب وأكتب ، ضاقت الورقة ، فأخذت ورقة ثانية وثالثة ورابعة ، 4 ورقات كاملة ، إنها خطاياي ، إنها آثامي ، ثم أسرعت وأتيت إلي الكنيسة ، لم أكن واثقا إنني سأجد كاهنا ، لكني قلت في نفسي لو وجدت كاهنا ، فهذا يدل إن الله سيقبل توبتي

يقول لك يسوع "قد محوت كغيم ذنوبك وكسحابة خطاياك ، ارجع إلي لأني فديتك (إش 44 : 22
www.tips-fb.com

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق