الجمعة، 5 أغسطس 2011

" أخيراً عرفت الحب "

لقاؤنا الأسبوعي مع قصة طويلة من أرشيف قصة كل يوم أستمتع بقصة " أخيراً عرفت الحب "

حدث في أحد الأديرة في الصعيد أن قلت المؤن و الطعام فاستدعي رئيس الدير راهبين شابين و طلب منهما أن يجمعا العمل اليدوي لكل الاخوة في الدير ( القفف ) و ينزلا معا للعالم حيث يبيعانه و يشتريا أحتياجات الدير و يعودا
فأطاع الشابين يوحنا و اندراوس رئيس الدير و ذهبا وجهزا حاجتهما ثم أنطلقا معا وكانا ذوي محبة شديدة بعضهم لبعض و ف...ي الطريق أخذا يرتلان معا ببعض التراتيل و الألحان مما يحفظان ثم سأل اندراوس
اندراوس : انا خائف يا أخي من النزول للعالم و ترك حياة الدير و الخلوة و العثرات شديدة في العالم
يوحنا : حسنا مثلي مثلك لكن علينا أطاعة رئيس الدير و الله سيحفظنا بصلواته
اندراوس : و أين ستبيع قففك ؟؟
يوحنا : بع أنت في الجهة الغربية و سأبيع في الجهة الشرقية للمدينة ثم نتقابل بعد 3 أيام في نفس هذا المكان لنعود معا للدير بمشيئة الله
اندراوس : حسنا لتكن ارادة الرب

وهكذا افترق الاخان و ذهب كل منهما في طريقه
و بعد 3 أيام أنهي يوحنا عمله و باع كل ما لديه من قفف و اشتري حياجات الدير المطلوبة و ذهب للمكان المتفق عليه و أخذ ينتظر أخيه أندراوس ...
وطال انتظاره و بدأت الشمس في المغيب و لم يظهر أندراوس بعد ...فأخذ القلق يدب فيه شيئا فشيئا ماذا حدث لاندراوس و هكذا بات ليلته في العراء علي أمل أن يجد أخيه أندراوس غدا ليعودا معا للدير ...و في اليوم التالي ظل منتظرا كمثل اليوم السابق و بدأت افكاره توجهه أن يعود هو للدير لعل أندراوس يكون قد مات أو أذاه أحد لكنه قاوم هذه الأفكار و بدأ رحلة البحث عن أخيه أندراوس في المدينة الواسعة الأطراف وظل 3 أيام أخري يبحث عن أندراوس

حتي وجد من يقول له نعم رأيت راهبا أمس و هو الأن موجود داخل هذا البيت ...صلي يوحنا صلوة قصيرة طالبا من الرب المعونة ثم ذهب و قرع علي هذا البيت ففتحت له احدي الفتيات فسألها هل عندكم ههنا راهب تستضيفونه ؟؟ ...أما هي فلما رأته صرخت في وجهه : " لا يوجد عندنا ههنا رهبان هنا بيت للمتعة فقط اذا كنت تريد و الأن اذهب " ثم همت أن تغلق الباب في وجهه لكنه ركع علي رجله متوسلا " أرجوكي فقط هل رأيتي ...." ثم احتبست كلماته في حلقه حينما رأي أخيه أندراوس و قد برز من داخل احدي غرف المنزل و قد نزع عنه ثياب رهبنته الذي لما رأه صرخ " يوحنا !!!" ثم سارع بالاختباء سريعا داخل الحجرة

...و هنا فقط شعر يوحنا كأنما ضربة شديدة قد أصابته في رأسه و جلس علي الباب بعد أن أغلقته الفتاة في وجهه ... وظلت عشرات الأفكار تدور برأسه كيف ترك أخوه و هكذا سقط أخوه الضعيف في هذه الخطية و كسر نذر رهبنته .... وكيف سيعود للدير بدونه ؟؟ وهكذا أخذ يفكر ويفكر...كان يمكنه بسهولة أن يعود لديره شاكيا لائما ذلك الراهب الضعيف الذي ضعف و خان رهبنته بينما عاد هو ... لكن شيئا كان يحترق داخله شئ يعرفه جيدا و هو الحب الذي كان بينه و بين أندراوس ..نعم حب وحب روحي حقيقي يدفع الجميع للسماء و ليس مجموعة عواطف باهتة ...فما أن تذكر يوحنا هذه النقطة حتي وجد نفسه يقرع بشدة علي باب ذلك البيت مرة أخري و لما فتخت له الفتاة البوابة لم يمهلها بل اندفع للداخل يبحث عن أخيه أندراوس

فهل سينجح ؟؟؟
اندفع يوحنا للداخل يبحث عن أخيه حتي وجده يبكي داخل احدي الغرف ...فاحتضنه بقوة ثم قال له : هيا بنا يا أخي نعود للدير ونرجع لحياتنا مرة أخري .
فأجابه أندراوس : لا يا أخي لقد أغواني الشيطان فسقطت و زنيت مع هذه المرأة و دنست جسدي و لم أعد أصلح للرهبنة بعد
وهنا قفزت لرأس يوحنا فكرة أو لنقل ألهمه بها حبه لأخيه الملتهب بالروح القدس فقال لأندراوس : كم أنت أبر مني يا أخي ...فأطل أندراوس بعينيه في دهشة
فأطرق يوحنا رأسه خجلا وقال له : بعد أن تركتني سقطت أنا أيضا في ذات الخطيئة لكني خشيت الاعتراف بها قلت في نفسي أن أكتمها و لا يعرف بها أحد
أما أنت فقد اعترفت فورا بخطيتك و قد قال الكتاب ان اعترفنا بخطايانا فهو امين و عادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل اثم (1يو 1 : 9) لذلك فأنت أبر مني.
هنا بدأ أندراوس يعيد تفكيره و قال ليوحنا : و هل تظن يا أخي أنهم يقبلوننا في الدير بحالتنا المزرية هذه بعد أن نقضنا نذر بتوليتنا و أفسدنا رهبنتنا
فقال يوحنا : يا أخي الحبيب ان كان الله قد قبل الابن الضال و لم يأنف من رائحته الكريهة التي للخنازير تجعل الأباء بنعمة الرب يقبلوننا في الدير و بكلام مثل هذا بدأ يوحنا يطيب قلب أخيه أندراوس حتي أقنعه أنه مشترك معه في خطيئته و أقنعه أيضا بالرجوع للدير ....و عادا فعلا للدير و لكن عجبا لهذا الحب فقد تقدم يوحنا في الكلام و اعترف لأباء الدير بأنه و أخيه أخطئا في خطية زنا و يطلبون الصفح و التأديب فجمع الأباء مجمعا لمحاكمتهما ..قرر فيه الأباء أن الراهبان لا بد أن يخضعا لتأديب صارم من جهة الدير ووضعوا عليهما قانون تأديب و حبس في القلاية ( لم يكن هذا بشئ هين علي الاطلاق بل قانون قاس جدا في التوبة ) و ما أن خرجا حتي أخذ يوحنا يحث أندراوس علي أن يتمما معا قانون التوبة
و عاد يوحنا لقلايته و يا للعجب لقد بدء هو أيضا في تتميم قانون توبة أخيه برغم أنه كان يمكن أن يعتذر و يكشف الأمر لأب اعترافه سرا و يكفيه فخرا أنه عاد بـأخيه من الهلاك للحظيرة مرة أخري لكن الحب لا يعرف الأعذار.
و استمر يوحنا يتمم قانون التوبة هذا عدة شهور ,, حتي أن السماء لم تحتمل المنظر ان يبذل أحد نفسه هكذا بالكامل عن أخيه
ففي نصف مدة التأديب ظهر السيد المسيح بنفسه لرئيس الدير و قال له : اعف عن الراهبان لأن أحدهما مظلوم و يحمل ثقل أخيه
فعفوا عنهما معا و عادا لمجمع الدير مرة أخري

أخي الحبيب .. هل عرفت أخيرا معني الحب انه ليس ذاك الذي تصوره لنا الأفلام بمجموعة عواطف ملتهبة أو كلمات و مشاعر و أحاسيس ..هو ليس أني أحب اصدقائي واخوتي بالكلام بل هو حب باذل يقاس بمقدار العطاء و التضحية و التعب ..فالعواطف سريعا ما تفتر و تبرد أما الحب الباذل فهو لا يفتر أبدا و هكذا أيضا علمنا الكتاب لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد (يو 3 : 16)فلا يوجد حب بدون بذل ...فاذا وجد احكم عليه بنفسك انه....غير حقيقي... و صدقني أيضا ليس حب حقيقي كاااامل ..مثل حب ربنا يسوع

قول أباء :
الهى.. أنت تحتضن وجودى برعايتك ، وكأنك لا تتطلع لآخر سواى.. تسهر علىَ وكأنك نسيت الخليقة كلها.. تهبنى عطاياك وكأنى أنا وحدى موضوع حبك .. ليتنى أحبك يا إلهى كما أحببتنى أولاً .

القديس أغسطينوس
www.tips-fb.com

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق