الثلاثاء، 10 أغسطس 2010

الضيقة وجبل التجلي ......لكل من هم في ضيقة


في ذات يوم استيقظت على لفحة شعاع الشمس الذي تسلل من نافذة غرفتي ..وشعرت بسخونته واستيقظت بسرعة كأنما تذكرت فجأة أن لديّ ميعاد هام ...نعم فاليوم سألتقي يسوع ..سأنعم بلقاء حبيبي يسوع سأسمع كلماته العذبة مرة أخرى
ارتديت ملابسي وهرعت فوري الى الجبل ..حيث اعتاد يسوع أن يلتقي الجموع و يعلمهم بكلماته الرقيقة
وجدت يسوع يومها و قد ازدحمت عليه الجموع ..كل يحاول أن يأخذ ما يريد ..فهذا يريد لصغيره بركة ..وهذا يريد لذراعه حركة ...أخر يريد طهرأ من مرض عضال ..أوخاطئة تريد خلاصاً من الأوحال ..وكلمة السر ..أن يتحنن يسوع ....فيمد يده ..أو حتى يقول جملة ....والبعض كان يكفيه كلمة ....أما أنا فكان لا يكفيني الا يسوع ...نعم ...يسوع بذاته ولا أرضى بسواه ..جلست أتأمله وأغوص من عينيه الي أعماق قلبه المحب ...انتظرت معه حتى صرف الجموع...كل واحد أخذ حاجته ..أما أنا فلم آخذ بعد ..أريد أكثر 
فنظر اليه بعينيه و قال لي هلم معي ...و أخذني و خواص تلاميذه ..و أوقفنا أمام جبل عال ..وقال : هيا بنا 
قلت : الي أين يا سيدي ؟؟
قال : سنصعد الجبل 
فأعدت النظر للجبل بعينين قلقتين ..فلم أستطع أن أري قمته 
فعدت أقول: يا سيد ولماذا العناء..لماذا هذا الضيق ؟؟ لنجلس هاهنا وسط العشب الأخضر ونتحدث
أما يسوع فلم يهتم لتساؤلاتي ...بل بدأ بالصعود أمامي 
ثم التفت لي ونظر لي كأنما يذكرني بهذا اليوم ...يوم أن وعدته أن أسير معه حسبما يريد ..كيفما خطط هو لي ..لا كما أردت أنا ..فهو المدبر لا أنا
فاستسلمت عندئذ لعينيه الحانيتين ...وبدأت بالصعود .. خلفه.
ولا أخفي عليكم وعورة الطريق ..وضيقه ..وتعبه..بل وجراحه في بعض الأحيان ...لكن عزائي الوحيد كان يسوع ...كان يشجعني لأنه يجتاز طريق الألم أمامي ...لا بل كان يجتازه معي في كل خطوة ...لالا بل أظن أنه كان خلفي..نعم كان يحملني كل ما خارت قوتي ...كان بحبه في كل مكان ..شعرت عندئذ بما قاله أبي الرسول بولس أن محبة المسيح تحصرنا (2كو 5 : 14)..فعلاً كانت تحاصرنا من كل جهة بل كانت تغمرنا .
و بينما نحن نسير في الطريق شعرت شيئاً فشيئاً ..أن صوت العالم يخفت في الأسفل و يضيع ..و أصوات الجموع تتضاءل ...كنت برغم تعبي سعيد جداً ...لأني مع يسوع ...لكني الآن ..أملكه وحدي ..هو لي أنا فقط..لا ضوضاء ..لا جموع ...لا أصدقاء أوملاه تلهيني عنه ...كنا في انفراد


و أخيراً ..وصلت مع يسوع لقمة الجبل ...لكني كنت أيضاً ...في قمة الألم .والتعب بلغ بي مبلغه فسقطت على الأرض...ثم التفت ..لأنظر يسوع ..
لكن يسوع ... " تَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ "..نعم كنت أراه كل يوم ...يومياً كنت أري وجهه في صلاتي ...لكن اليوم أراه مختلف ..اليوم أكثر اشراقاً و بهاء من شمس الأرض ..بل من الأرض كلها ...حتى ان نظرة واحدة الأن لشخصه تعميني أن أرى أي شئ أخر سواه 
ومن هؤلاء الذين ظهرا فجأة ...هما موسى و ايليا ..هما القوات السمائية المحيطة بي ..لكني لا أشعر بها أبداً ....أما الآن فاني أراها ..بل و أتلامس معها ..ما هذه السماء التي صارت على الأرض ...بل ما هذه الأرض ( جسدي ) التي صارت سماء تعاين السماء و أمجادها ...و أنا في قمة الضعف و الاعياء !!!

وبينما أنا أتأمل ..اذ فجأة أتت سحابة فظللتنا ..وزال الحر والتعب ..." وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً:«هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا»" شعرت فيها كأنما يسوع يعاتبني على تذمري في البداية على الصعود معه للجبل ...وشعرت اني بحاجة شديدة لأصرخ و أقول له مع داود النبي .. " و انا بليد و لا اعرف صرت كبهيم عندك (مز 73 : 22)" كيف لي يارب أن أفهم تدبيرك ..كيف لي أن أعلم أن مجدك يعلن هنا فوق الجبل ..و أن هذه الخلوة (الاجبارية ) ستنفتح فيها السماء على أرضي و يرتفع قلبي لسمواتك ...

وبينما أنا على هذا التفكير ..اذ بيد يسوع تلمسني ...فرفعت عيناي ...فلم أر أحداً ..سوي يسوع ...يسوع وحده ..
و أخذ يسوع يدي مرة أخري ..و نزلنا من الجبل ..أخبرني يسوع أن لا أخبر أحداً بمار رأيت ...فهو سر خاص ..سر المخدع ..سر الضيقة ..سر صعود الجبل ..و اللقاء هنالك شخصي جداً ....عدنا مرة أخري حيث الجموع ...عادت الشخصيات تزدحم من حولي والأحداث ...لكن قلبي ..كان لا يرى أحداً ..الا يسوع وحده ...يسوع أصبح مختلفاً ..
أصبحت عيناي تراه مختلفاً...
تحرك الركب السائر خلف يسوع ومشيت معهم لكن حانت مني التفاتة الى الخلف ..الى الجبل ..حتى هو صار مختلفاُ ...صار قصيراُ قليل الارتفاع ..و ان كنت لازلت بعد لا أري قمته ...لكنه الآن ..محتلف

تحركت لألحق بالركب السائر وأنا أسأل ..هل سيتاح لي مرة أخري لقاء مع يسوع ..فوق الجبل ؟؟ ...لا يهم أين وكيف ومتى يكون الجبل ...فيكفيني أن فوق الجبل تكون الخلوة ..و يكون الانفراد بحبيبي ..الانفراد بيسوع
www.tips-fb.com

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق