بعد ميلاد هذا الطفل العجيب بسنتين مات الأب ولم تجد الام مخرجا سوي أن تذهب هي للعمل في أحد المحال لكسب الاموال لكي تصرف علي مولودها . وبعد ذلك بفترة مرضت الأم لكنها قاومت وتحملت واستمرت في وظيفتها وهي تصلي لكي يشفيها الله لا لأجل ذاتها لكن لأجل ان تربي مولودها , وبالفعل اهدرت الام صحتها في كسب العيش لكي تربي وحيدها الذي تبقي لها من الدنيا ومرت الأيام وكبر هذا الطفل بعد ان باعت امه كل ما تملك من أجله ولم تشتكي . وجاءت اللحظة الحاسمة وجلس الابن يفكر في مستقبله وأعجب بفتاه تخيل انها فتاة أحلامه ولم يكن يعلم انها فتاة تعاسته ، وبالفعل تقدم ليخطبها من والديها وهو لا يملك شقة ، فعرضت عليه الأم ان يعيشا معها كي يظل ابنها حبيبها بجوارها ويرعاها في سنها المتقدم حيث أشتد عليها المرض وها قد حان الوقت لهذا الأبن ليرد كل ما قدمته له أمه من جميل .
وبالفعل تمت اجراءات الزواج بعد ما باعت له أمه كل ما معها من ممتلكات لكي يشتري بها شبكة عروسه ، ولكن ما ان جاءت هذه المرأة إلي هذا البيت وانقلب البيت إلي جحيم ، فهي اصبحت لا تحب أم زوجها وبدأت تكرهها وبدأت توقع بين زوجها وبين امه مما اضطر لهذا الأبن ان يطلب من والدته ان تتجنبها ولا تأتي بجانبها .
ومرت الايام واوقعت الزوجة للمرة الثانية بين زوجها وبين امه مما دفع الابن بأن يهدد أمه بأن يطردها من المنزل في غفلة عن كل ما فعلته لأجله . ولم تملك الام سوي الصمت وبكاء القلب فكلما دافعت عن نفسها كلما اظهر ابنها خطأها وجرمها في حق زوجته.
وجاءت المرة الثالثة واوقعت الزوجة بين الام وابنها مما اضطر له بأن يطردها من شقتها التي وهبتها له . فخرجت الأم باكية لا تعلم اين تذهب في هذا البرد القارص وهذه الساعة المتأخرة من الوقت فنامت علي أحد رصفان الطريق ودموعها تغمر قلبها قبل عينها . ومر يومين ولم يحن قلب هذا الأبن العنيد القاسي الناكر للجميل مما أضطر للأم لأن تذهب إليه وتترجاه ان يسامحها علي ما لم ترتكبه فقد باتت ليلتين في الشارع شاردة وحيدة بدون أكل او شرب ، فقبل الأبن هذا لكنه حذرها وقال لها ستجلسي معنا علي شرط واحد ، وهو ان تعرضتي لزوجتي او اشتكت هي منك فسوف أحرقك . ولم يكن سوي خيار واحد وهو القبول أفضل من نوم الشارع .
وللأسف عادت هذة المرأة الشيطانية لتمارس هوايتها واوقعت بين زوجها وبين امه للمرة الرابعة لكنها كانت الأخيرة ، فقد جاء الأبن من عمله متأخرا بسبب بعض المشاكل في عمله وكان متضايقا ، وما ان اعطته زوجته السم بكلامها عن والدته وافعالها ، واذ به يخرج عن شعوره ويقول لأمه لقد حذرتك بأن احرقك وبالفعل في لحظة غضب وذهاب للوعي أحضر بنزينا وسكبه علي أمه ثم أحرقها وفيما هو يفعل هذا صرخت الأم ودموعها تغمرها والنار تأكلها وقالت لأبنه " أحذر يا أبني أن تمسك النار التي تحرقني بها ، فأنا امك ولا زلت أحبك "
عزيزي القارئ ..... هذه القصة لم تحدث بالفعل , لكنها فقط تحمل في داخلها معاني كثيرة :
هذا الأبن القاسي هو انا وانت وكل انسان بعيد عن الله غارق في اثامه وخطاياه التي يكوي ويحرق بها قلب الله الذي أحبنا اكثر من الجميع وأعطانا كل ما نملك وبدلا من أن نرد له الجميل نتمادي فيما نحن عليه ونتمرد عليه .
هذه الأم الحنون هي رمز لله الذي جبلنا واعطانا كل شئ دون ان ندفع فيه شيئا ، فقد دفع هو الثمن علي عود الصليب وحمل آثامنا
وخطايانا كي يهبنا حياة جديدة كريمة مقدسة . ومع ذلك ورغم عصياننا عليه و تمردنا فهو يقف باكيا علينا يحبنا ويريد ان نرجع
إليه وهو يحذرنا لكي لا تمسنا نار الخطية التي نحرق بها قلبه الحنون .
هذه المرأة الشريرة هي رمز للشيطان الذي يستغل أتفه الظروف ليوقع بيننا وبين الله ويضع فاصلا بيننا وبينه ويستخدمنا كعبيد عنده لكي نجرح قلبه ونعصي عليه الشقة التي كانوا يعيشوا بها هي العمر او الأرض التي نحيا بها والتي وهبها لنا الله كهدية مجانية كي نجلس معه ونشعر بوجوده ونرد جزء من جميله ولكننا طردناه ورفضنا وجوده ، وهذا ما تفعله الخطية بنا .
" الابن يكرم أباه و العبد يكرم سيده . فإن كنت أبا فأين كرامتي و ان كنت سيدا فاين هيبتي قال لكم رب الجنود .. و تقولون بم احتقرنا اسمك ؟؟ "
( ملاخي 1 : 6 )
إرسال تعليق