الخميس، 8 أبريل 2010

المبشر


فى يوم ما وصـل إلى أحـد
البلاد الإفريقية، التى لم تصل إليها بشارة الإنجيل، أحد الآباء الكهنة، كان قد وضع فى قلبه أن يبشر أهل تلك البلدة بالمسيح، ويعرفهم بعمل الله الخلاصى. وراح ينتقل من قبيلة إلى أخرى عبر الغابات، والأدغال، مبشراً ومنذراً بكلمة الله،
لكل من يصادفه. وكان الله قد أعطاه موهبة
شفاء الأمراض، فراح يتعطف على كـل
المرضـى ويشفيهـم بإسـم يسـوع
الناصرى، وبقوة الصلاة. فلما وثـق
فيـه أهـل تـلك البلـدة، راحـوا يغدقـون
عليه بتبرعاتهم حتى يستطيع أن ينفق على سفرياته وتنقلاته، ويعطى كل محتاج وفقير...
  • وذات ليلة، بينما هو ينتقل من قبيلة إلى أخرى، عبر أحد الأدغال، صادف رجلاً به جروح غائرة، وينزف بغزارة. نتيجة سقوط أحد الأشجار عليه، وكان يئن من جراحاته. فوقف لتوه، وراح يزيح الشجرة التى سقطت عليه، ثم بدأ يضمد جراحات الرجل. غير أنه كان ينزف بغزارة مما قد يعرض حياته للخطر، فبسط الكاهن يديه فوق الرجل وراح يصلى، طالبا من الله أن يمنح هذا الرجل الشفاء من جراحاته، وعاد إلى وعيه. وبينما هما سائران فى الطريق، قال الرجل للكاهن: "يا أبى، أريد أن اعترف لك بأمر ما" فقال له الكاهن: "تفضل يا إبنى"، فقال الرجل: "أنا واحد من عصابة لصوص مكونة من خمسة أفراد، كنا قد سمعنا عنك منذ فترة، وعرفنا أنك تحمل فى حقيبتك أموالاً من أغنياء البلدة لتوزعها على الفقراء والمحتاجين وكنا نريد سرقتك     ولكننا وجدنا معك أشخاص كثيرة  
.وجاوبه الكاهن: "كنت أسير وحدى، ولم يكن معى أحد".

فرد الرجل: "كيـــف يا أبـــى، لقـــد كانـــوا ستـــة
وعشرون رجلاً، ونحن الخمسة قد رأيناهم بأعيننا".
ولم يفهم الكاهن قصة الرجل، غيـر أنـه
حفظها فى قلبه.

فلما رجع إلى بلاده، وقف ذات يوم فى
كنيسته يعظ فى إجتماع الخدام، ويتكلم عـن
عمل الله العجيب فى أهل البلدة الوثنيين، وكيف كانوا يقبلون الكلمة بفرح. وبينما هو يتكلم، ذكر تلك القصة كما رواها له الرجل كعلامة على عناية الله به فى إرساليته.

لكن أحد الخدام وقف فى الوسط وقال له: "هل يمكنك يا أبى أن تتذكر اليوم الذى حدثت فيه هذه الواقعة بالتحديد؟" فذكر له الأب الكاهن التاريخ والساعة، لأن القصة كانت محفورة فى قلبه. فقال الخادم: "هذا اليوم بالتحديد، وهذه الساعة عينها حيث كان صباحاً، حسب التوقيت عندنا، كنا مجموعة من الخدام مجتمعين معاً فى الكنيسة للصلاة، ورفعنا من أجلك صلاة خاصة، حتى يحفظك الرب سالماً، وتعود إلى كنيستك وشعبك مرة أخرى". وعلى الفور سأل الكاهن: "وهذه المجموعة كاملة موجودة معنا الآن؟". فرد الخادم: "نعم يا أبى نحن جميعاً هنا". فطلب الكاهن أن يقفوا جميعاً ليراهم. ولم يكن هم الكاهن أن ينظر إلى الوجوه، أو يتعرف على الشخصيات، ولكن كان كل همه أن يعرف "كم عددهم". وابتدأ يعد 1، 2، 3... حتى وصل إلى رقم 26. "هل أنتم فقط المجموعة التى اجتمعت للصلاة فى هذا اليوم وتلك الساعة؟" هكذا سألهم الكاهن وصوته يختنق بالبكاء. فردوا عليه بأن هذه هى كل المجموعة كاملة بدون نقصان. وللوقت ربط الكاهن بين قصة اللص والعدد الذى ذكره. حينئذ تأكد له أن الـذى
رآه أفراد العصابة، لم يكن خيـالاً أو ملائكـة،
بل كانوا أشخاصاً حقيقييـن، أمنـاء، يرفعـون
قلوبهم بصلاة قوية، حركت قلب الله.

فلم يكن الكاهن يخدم بمفـرده، بـل كـانت
تسنده صلوات أولاده وشعبه، وكأنهم كانـوا يخدمـون
معه فى تلك البلد البعيدة، ولكن بصلواتهم.

إنها قوة الصلاة... التى تذيب المسافات، وتجمعنـا فـى
كيان واحد، لأن الرأس واحد هو المسيح
www.tips-fb.com

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق